تونس السعيدة: من العشق مقاولة ومن
العشّاق مقاولون
بقلم أيمن البوغانمي
افتتاحية جريدة « المغرب » بتاريخ 21 أكتوبر 2022
ذهب رجل إلى امرأة لخطبها، فقال: «إني أكاد أجنّ من حبّك». فأجابت: «ولمَ أحببتني»؟ قال: «أحببتك لأنك أجمل امرأة رأيت». قالت:
«أأكّد لك أن أختي أجمل مني. وهي تقف خلفك». التفت الرجل، فلم يجد أحدا. فلمّا عاد، وجد المرأة قد انصرفت. فتبعها، وهو يقول: «لقد كذبتني». أجابت، وهي تشيح بوجهها: «بل أنت الذي كذبتني. لو كنت أحببت ما كنت التفت».
مثل الرجل كمثل جحافل عشّاق حاكم تونس من مقاولي الخامس والعشرين من جويلية وتجاره. وأبرزهم زمرة من المتغزّلين بالرئيس، يكادون يقولون إنه غزال في عيونهم. ومنهم من قال إن الرجل يعمل عشرين ساعة. ومنهم من أكّد أنه يأكل مرّة واحدة في اليوم. ومنهم من كاد ينزّهه عن الخطإ. لماذا كل ذلك؟ لأنهم يعتقدون أنهم يحبّونه، تماما مثل ما اعتقد الرجل أنه يحبّ المرأة، في حين أنه لم يكن إلاّ مفتونا بجمالها الزائل، جمالها ذي البدائل.
قد يقول البعض: «هؤلاء لا يعتقدون مخطئين، ولكنهم يدّعون متزلّفين». والجواب أن الله أعلم! وسواء أضنوا أم افتروا، فالنتيجة واحدة. يشيح عنهم الحبيب ويزدريهم الحاكم. فإذا هم يهرولون وراءه، ويقولون: «لقد كذبتنا»، فيجيب: «بل أنتم من تدّعون، و للمناصب تطمحون».
في هذه المسألة بالذات، أحسن الرئيس، أحسن وهو الخطّاء. إنه محقّ إذ يلقى بالجفاء هؤلاء المقاولين والتجار. أليسوا هم من اختار أن تقوم علاقتهم به على أساس العواطف؟ أليسوا هم من برّروا ما لا يبرّر باسم الثقة العمياء في نزاهته؟ وبما أنهم هم من اختاروا التنازل عن عقولهم لفائدة مشاعرهم، فبمعايير العشق الذي ادعوا ينبغي الحكم عليهم وعلى موقف الرئيس منهم.
هل يجوز أن يقول المحبّ لمحبوبته «أحبّك، لكن لا بد من بعض الضمانات»؟ طبعا لا.
اضغط على الرابط لمواصلة قراءة الافتتاحية...ـ