:الجنوب في النظام العالمي
من عدم الانحياز إلى تعدد الاصطفاف (1)
مقتطف من مقال بقلم حكيم بن حمودة
2023 صدر بجديدة المغرب بتاريخ 20 أوت
شكل موقف بلدان الجنوب من الحرب الروسية في أوكرانيا صدمة كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في أوروبا وآسيا. فقد كان المعسكر الغربي ينتظر من حلفائه في الجنوب الوقوف الي جانبه والتنديد بالهجوم الروسي على أوكرانيا ودعم العقوبات التي اتخذها هذا المعسكر ضد روسيا.
الا ان مواقف عديد بلدان الجنوب خاصة الحليفة منها للولايات المتحدة والمعسكر الغربي بشكل عام كانت مفاجئة في بعض الأحيان وصادمة لحلفاء الامس.
ولم يقف هذا الموقف المناهض للمعسكر الغربي عند العديد من بلدان الجنوب حول مسألة الحرب الروسية في أوكرانيا بل تحول إلى موقف عام ساخط ورافض لمآلات النظام العالمي وتهميش قضايا الجنوب كالتنمية والفقر وتطور عدم المساواة والفجوة والتفاوت في العلاقات الدولية.
وقد التقت في هذا الشعور بالاحباط والاستياء والرفض للنظام العالمي حكومات عديد بلدان الجنوب مع شعوبها حيث تواترت المظاهرات والتعبيرات السياسية والمدنية للتنديد بتواصل تدخل البلدان الكبرى في سياستها وتواصل السيطرة الاستعمارية عليها. ولعل المظاهرات التي عرفتها عديد البلدان العربية والساحل الافريقي ضد فرنسا المستعمر السابق ومطالبتها بفك اغلال هذه العلاقة القديمة لهي دليل على عمق هذا الامتعاض والسخط لشعوب وحكومات الجنوب ضد بلدان الشمال وعجزها على بناء علاقات تعاون حقيقي لدفع النمو وصنع الأمل لشباب هذه البلدان.
تشكل هذه اللحظة منعطفا حقيقيا في تطور العلاقة بين الشمال والجنوب وفي الدور المستقبلي لبلدان العالم الثالث في النظام. وتطرح هذه اللحظة المفصلية عديد التساؤلات والتي كانت صلب نقاش وجدل عالمي شاركت فيه المؤسسات الدولية والحكومات ومراكز التفكير في أغلب بلدان العالم لفهم هذه التحولات وانعكاساتها على النظام العالمي.
وتهم الاسئلة الحارقة التي تقض مضاجع المفكرين اليوم اسباب ثورة بلدان الجنوب اليوم و رفضها الاصطفاف كما كان الشأن في السابق وراء المعسكر الغربي. هل تنذر هذه الثورة والتي شكلت منذ انبعاثها في باندونق وخاصة في سبعينات نقطة التقاء بين بلدان الجنوب لفرض إصلاحات عميقة في النظام العالمي في إطار ما تمت تسميته بالنظام العالمي الجديد؟ ام ان هذه الثورة لبلدان الجنوب تنبئ بتعامل جديد واستراتيجية أخرى لهذه البلدان في محاولة الضغط على المعسكر الغربي للقيام باصلاحات حقيقية للنظام العالمي والدفاع على مصالحها. وفي النهاية ماهي الإصلاحات التي يجب إدخالها على النظام العالمي لاعادة بناء علاقات الثقة مع بلدان الجنوب وصنع مصير مشترك يقوم على العدل والتعاون والتضامن؟. سنحاول في هذه السلسلة من المقالات طرح هذه الأسئلة الحارقة ومحاولة فهم خصوصيات وانعكاسات هذه اللحظة المفصلية في علاقة قطبي النظام العالمي: الشمال والجنوب … اضغط على الرابط لمواصلة قراءة المقال